سورة المزّمل
*تناسب خواتيم الجن مع فواتح المزمل*
في الجن قال تعالى(وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19)) عبدُ الله أي الرسول r، لِبداً أي تلبدوا عليه واجتمعوا، وفي المزمل قال (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5)) الرسالة ليست سهلة هذه من مظاهر اللبد التي قاموا بها، من مظاهر القول الثقيل ما فيه ما تلقى من قومك من أذى وما في طبيعته من أحكام. أليس فيه العذاب والفتنة من الثقل عليه؟!, قال في الجن (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18)) وفي المزمل (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا (9)) هي نفسها. قال في الجن (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (23)) وفي المزمل (وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا (11) إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (12)) هي نفسها، كأنما هي استكمال للآية وصف لما سوف يناله في الآخرة.
**هدف السورة**
هذه السورة هي زاد الداعية. فالداعية محتاج للزاد الذي هو قيام الليل حتى يعينه على الدعوة ويقويه (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا) آية 2، ثم تنتقل إلى موسى u وهو يواجه فرعون الذي تكبّر (إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا) آية 15 فقيام الليل هو الذي يعين على صعوبات الحياة وعلى دعوة الناس بالنهار (زادك قيام الليل). وفي الآية الأخيرة في السورة (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) آية 20 كان قيام الليل في أول الدعوة مفروضاً على الرسول r والصحابة حتى يتقووا على الدعوة ثم خففت بعد السنة الأولى لأن فيها تمهيد للذين سيقاتلون في السمتقبل (فتح مكة).
***من اللمسات البيانية فى سورة المزمل***
آية (3):
* هل البَدَل يفيد التوكيد؟(د.فاضل السامرائى)
للبدل عدة أغراض منها:
v أن يكون للإيضاح والتبيين كما في ((184) البقرة) طعام مسكين إيضاح للفدية.
v قد يكون للمدح أو الذمّ كما في ((16) العلق) و ((3) التين).
v قد يكون للتخصيص كما في ((6) الصافات) الكواكب (بدل من زينة) مخصصة والزينة عامة. وكذلك في قوله تعالى (وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآَنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَ (15) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (16) الانسان).
v التفصيل كما في ((75) مريم) .
v قد يكون للتفخيم كما في قوله تعالى (وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ (66) الحجر) ما هو ذلك الأمر؟ أن دابر هؤلاء مقطوع.
v قد يكون للإحاطة والشمول كما في ((114) المائدة) .
v وقد يكون للتوكيد أيضاً.
v قوله تعالى (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ (البقرة)) قتال هي بدل اشتمال، وفي قوله تعالى (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) المزمل) نصفه هذا بدل (بعض من كُلّ). وللبدل أنواع لا مجال لذكرها في هذا المقام. ولكل نوع من أنواع البدل دلالة وسياق.
آية (5):
* ما اللمسة البيانية في (إليك )و( عليك)؟(د.فاضل السامرائى)
(على) ذكرنا أنها للأمور الثقيلة وما هو أشق وهي للإستعلاء (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ (216) البقرة) (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ (183) البقرة) للأمور الثقيلة الشاقة تستعمل (على) (إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا (103) النساء).ومثلها (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) المزمل).
آية (11):
*ما الفرق بين النَعمة والنِعمة (وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) الدخان) (وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا (11) المزمل) ؟(د.فاضل السامرائى)
النِعمة تفضل الله تعالى على عباده وهي متعددة العافية والقوة والإيمان هذه كلها نِعم (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا (34) إبراهيم) أما النَعمة فهي الرفاهية والتنعم ولين العيش والرخاء من النعيم والنعيم أحد النِعم. الله تعالى ذكر السمع والبصر والدين نعمة (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11) الضحى) هذه كلها نِعم والنَعمة الرخاء والرفاهية ولم ترد في القرآن إلا في الذمّ (وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا (11) المزمل) (وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) الدخان) لم ترد كلمة النَعمة في الخير أما النِعمة فكلها خير.
****تناسب فواتح المزمل مع خواتيمها****
(يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا (4)) وفي آخرها (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ) كأنه استجاب، أمره في البداية (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا) فاستجاب (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ). وأمره (وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا (4)) وفي الآخر قال (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ) أول مرة أمر الرسول ثم اتجه إلى المؤمنين (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ) كان الأمر للرسول r على العموم والشمول أما للمؤمنين (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ). هنالك بعض الخصوصيات للرسول r قيام الليل كان على الرسول r واجب وهو منذوب بالنسبة المؤمنين.
*****تناسب خواتيم المزمل مع فواتح المدثر*****
كلتا السورتين خطاب للرسول r. في ختام المزمل قال (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ (20)) ثم خاطب الرسول r في المدثر (يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2)). وتقدم في سورة المزمل الكلام على الكافرين (إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (12)) ثم ذكر في المدثر (سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30)) كلاهما مشهد من مشاهد العذاب للكافرين في المزمل والمدثر.
من موقع اسلاميات